الهستريا مرض نفسي له اعراض نفسيه وحسيه وحركيه

الهستريا

لهذا المرض أعراض نفسية وحسية وحركية شتى لاتوجد مجتمعة كلها في مريض
واحد. فمن أعراضه النفسية أن يفقد المريض الذاكرة لطائفة معينة من الحوادث المؤلمة ، كالأم التي تنسى كل مايمت إلى موت أبنها بصلة، على حين تستطيع أن تتذكر ماعدا ذلك من أحداث لم تعاصر هذه الفاجعة . ومن هذه الاعراض ،" التجوال النومي" أي المشي أثناء النوم. أما أعراضه الحسية فمنها العمى الهستيري الذي يصيب بعض الطلبة قبيل الامتحان فيعفيهم من حضوره، أو الصمم الهستيري الذي يصيب الفتاة التي تكثر أمها من لومها وتقريعها واسماعها مالا تحب . ويقصد بالعمى الهستري ما لا ينشأ عن تلف في شبكة العين، أو في العصب البصري ، أو المركز البصري للمخ.

ومن اعراضه الحركية نوبات الاغماء المعروفة ، وهي غير نوبات الصرع. وتبدو في صورة تشنج وتوتر عضلي عام وسلوك غريب فيه ضحك وبكاء كسلوك المصاب بهوس خفيف . وغالبا ما يثيرها موقف انفعالي ازم . انها حيلة لاشعورية يستدر بها المريض العطف من الغير أو يهرب من موقف مشكل، أو يجني من ورائها ربحاً كاخضاع الوالدين أو الزوج لرغبات يريد المريض تحقيقها . فنوبة الهستريا التي تصيب الزوجة حين يرفض زوجها شراء شئ طلبته اليه، قد تحمله على الاستجابة لما طلبت. ومن هذه الاعراض ايضا الشلل الهستري ، وهو شلل لاينتج عن نزيف أو تلف في المناطق الحركية بالمخ ، بل استجابة لموقف خارجي أو نفسي لايطيقه المريض ، وذلك كالشلل الذي يصيب بعض الجنود في سيقانهم أو أيديهم وهم في جبهة القتال ، وهو بدوره حيلة لاشعورية ينتصل بها المريض من تبعه ويجني من وارئها ربحا. فهذا الشلل عذر مقبول لاعفاء الجندي من القتال دون لوم المجتمع ، ودون لوم من ضميره بوجه خاص.
ومن أمثال هذا الشلل ايضا " تشنج اليد" الذي يصيب بعض العمال أو الكتبة وغيرهم ممن يجدون أنفسهم مرغمين على المضى في عمل يكرهونه . فان لجا احد هؤلاء إلى استخدام يده اليسرى بدلا من اليمنى برئت اليمنى وتشنجت اليسرى، مما يشير إلى أن السبب في هذا التشنج نفسي، وان التمرد هو تمرد " النفس" لاتمرد اليد ، وقد تصاب الام بشلل في ذراعها بما يكفها من ضرب طفلها وعفيها من الصراع بين العطف عليه والشعور بالذنب.
والهستري يكون في العادة متقلب المزاج، مرهف الحساسية مركزي الذات، مشتط الخيال ، منبسط غير مستقر من الناحيتين الانفعالية والاجتماعية، يغشى أعماله طابع الطفولة وعدم النضج . ومما يتميز به ايضا عدم مبالاته فترى المريض يقص عليك بالتفصيل أعراض شلله أو عماه دون أية مسحة من الانفعال.

ومن العوامل التي تمهد الفرد للهستريا القابلية الشديدة للايحاء، والاتكال الشديد على الغير في عهد الطفولة ، والاسراف في التبرير واستدرار العطف وخداع الذات
وهي سمات تتكون وتترسخ لدى الطفل الذي نسرف في تدليله والثناء عليه، ونكثر من اطرائه واثابته على عمل الواجب ، أو نفرط في العناية به أثناء مرضه، ونحرص على حمايته من أقل ضرر أو خطر ، ولانترك له فرصة للعمل المستقل والتفكير المستقل بل ندعه يعتمد علينا في كل شئ.